مدى إمكانية
قبول أدلة جديدة لم تقدم في بداية الدعوى الابتدائية
الباحث / عبدالعزيز الزعابي .
2013 - 2014
تمهيد
من أجل الوصول إلى الحق المطالب به ، لا بد للمدعي صاحب
الحق أن يرفع دعواه أمام المحكمة المختصة ، ويقدم للمحكمة لائحة الدعوى المشتملة
على ما نص عليه القانون من ذكر إسم المدعي وعنوانه وبياناته وكذلك المدعى عليه ،
كما يعرض موضوعه كاملا ، ثم يختمها بطلباته التي يسعى من خلالها للوصول الى حقه ،
ولا بد من أجل الوصول الى الحق أن يقدم الأدلة التي تثبت أحقيته بما يطلبه من
المحكمة ، فلا يمكن للمحكمة أن تستجيب لطلب أحد الخصوم بدون أن يثبت حقه بإحدى
أدلة الإثبات المعروفة وفقا لقانون الاثبات ، لأن
البينة على من إدعى ، ولأن المشرع كفل للخصوم إمكانية التقاضي على درجتين ،
واعتبر الطعن بالاستئناف طريق طعن عادية ، والطعن بالنقض وطلب إلتماس إعادة النظر
طريقين من طرق الطعن غير العادية ، فكان التساؤل عن مدى جواز تقديم أدلة جديدة
أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة النقض ، لم تكن قد تم تقديمها أمام المحكمة
الابتدائية ، فهل يمكن للمدعي أن يرفع دعواه أمام المحكمة الابتدائية ، ويقدم دليل
إثبات عبارة عن شهادة شهود مثلا ، وعندما تصل دعواه أمام محكمة الاستئناف يقوم
بتقديم دليل آخر أو إضافي عبارة عن محرر عرفي ؟ وإن كان ذلك ممكنا ، فهل يمكن
تطبيقه أيضا على محكمة النقض ؟ أي هل يجوز تقديم الدليل الجديد الذي لم يقدم أمام
المحكمة الابتدائية ولا أمام المحكمة الاستئنافية ، أن يقدم أمام محكمة النقض
مباشرة ؟ للإجابة عن ذلك ، قمت بتقسيم هذا البحث إلى مبحث أول وحيد ، ومطلبين
إثنين :
المطلب الأول : مدى إمكانية تقديم الدليل الجديد أمام محكمة الاستئناف
المطلب الثاني : مدى إمكانية تقديم الدليل الجديد أمام محكمة النقض
المبحث الأول ( مبحث وحيد )
المطلب الأول : مدى إمكانية تقديم الدليل الجديد أمام
محكمة الاسئناف
أولا : الأثر الناقل للاستئناف
نصت المادة 165 / 1 من قانون الاجراءات المدنية
الإماراتي على أن " الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور
الحكم المستأنف بالنسبة الى ما رفع عنه الاستئناف فقط ".
ومعنى ذلك أنه لا يعرض على محكمة الاستئناف ، إلا ما كان
من حُكم محكمة الدرجة الأولى محلا للطعن من المحكوم عليه ، وما لم يطعن به – أي من
الخصوم – لا يُعد مطروحا على محكمة الاستئناف ، وهذا الأثر الناقل يشمل الجزء الذي
يتضرر منه الطاعن ، ويكون محله عاما أو جزئيا وفقا لإرادته([1]) ،
وبعبارة أخرى ، الاستئناف على الحكم الابتدائي ينقل ما قام المستأنف بالطعن عليه
الى المحكمة الاستئنافيه ، دون نقل ما لم يُطعن عليه .
وفي هذا المعنى ، ذهبت محكمة النقض المصرية ( نقض
1/4/1987 طعن 1382 س 56 ق) في تفسيرها للمادة 232 من قانون المرافعات المصري ،
والتي تقابل المادة السابقة في القانون الإماراتي إلى القول أن " النص في المادة 232 من قانون المرافعات
يدل على أن الاستئناف ينقل الدعوى الى محكمة الدرجة الثانية في حدود الطلبات التي
فصلت فيها محكمة أول درجة وما أقيمت عليه تلك الطلبات من أسباب سواء ما تعرضت له
وما لم تتعرض له منها طالما أن مبديها لم يتنازل عنها ولا يحول دون ترتيب هذا
الأثر أن محكمة الاستئناف في هذه الحالة تتصدى لما لم تفصل فيه محكمة أول درجة من تلك
الأسباب " ([2]).
ثانيا : الأدلة وأوجه الدفاع
تختلف الأدلة وأوجه الدفاع عن الطلبات ، حيث نص المشرع
على أنه يمكن لمحكمة الاستئناف أن تنظر الى ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع
جديدة ، بالاضافة الى ما قد قدم سابقا الى المحكمة الابتدائية([3]) ،
ولكن لا يجوز للخصم أن يقدم طلبات جديدة أمام الاستئناف([4])
، لأن الطلبات الجديدة تؤدي الى تغيير موضوع الدعوى ، أما الدفوع وأوجه الدفاع
يهدف الخصم من خلالها الى عدم القضاء لصالح خصمه ولا يترتب عليها تغيير موضوع
الدعوى ، بينها الطلبات الجديدة يرمي من خلالها الخصم الى الحكم له بها .([5])
ويمكن للمحكمة التفريق بين الطلبات التي يقدمها الخصم ،
والدفوع وأوجه الدفاع التي يتمسك بها ، حيث ذهب الطعن ( 6/4/1939 طعن 99 س 8 ق
مصري ) إلى " أن دفع الدعوى من المدعى عليه بأن العقد المتنازع فيه باطل ولو
صح توقيع المورث عليه لصدوره منه في مرض الموت لوارثه ليس من الطلبات الجديدة
بالمعنى المقصود من هذه العبارة في المادة 268 مرافعات ، بل هو من أوجه الدفاع
الجديدة التي يجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف " ، وأيضا في
الطعن ( نقض 9/11/1961 طعن 110 س 26 ق مصري ) عندما ذهب المحكمة الى القول بأن
" الدفع ببطلان الحوالة لعدم رضاء المدين بها والتمسك بعدم جواز إثبات هذا
الرضا بغير الكتابة لا يعتبر طلبا جديدا مما تنهى المادة 401 من قانون المرافعات
عن تقديمه لأول مرة في الاستئناف بل هو دفع موضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت
عليها الدعوى " ([6]).
والجدير بالذكر ، أن الأدلة التي يقدمها المدعي أمام
المحكمة الابتدائية لإثبات دعواه ضد المدعى عليه ، نص عليها قانون الإثبات في
المعاملات المدنية والتجارية ([7])،
وهي كما يلي :
1.
أدلة كتابية ، وتشمل المحررات الرسمية والمحررات العرفية
، أو أن يطلب أحد الخصوم إلزام الآخر بتقديم المحررات والأوراق الموجودة تحت يده ،
أو إثبات صحة الأوراق ، أو إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع ، أو
الطعن بالتزوير .
2.
شهادة شهود .
3.
القرائن وحجية الأمر المقضي .
4.
الإقرار واستجواب الخصم .
5.
اليمين .
6.
المعاينة ودعوى إثبات الحالة .
7.
الخبرة .
ثالثا : جواز تقديم أدلة جديدة أمام محكمة الاستئناف
أقرت أغلب التشريعات بجواز الإدلاء بوسائل إثبات جديدة
أمام محكمة الاستئناف ، وهذا الحق مخول للمستأنف ، وأيضا للمستأنف ضده ([8]) ،
حيث نص المشرع الإماراتي في المادة 165 / 2 على أن لمحكمة الاستئناف أن تنظر إلى
ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة ، بالإضافة الى ما قد قدم سابقا الى
المحكمة الابتدائية ، وبالتالي منح الحرية للخصوم في إمكانية تقديم أدلة جديدة
تدعم ادعاءاتهم وأوجه دفاعهم حتى لو لم تقدم تلك الأدلة أمام محكمة أول درجة ،
وهذا بخلاف الطلبات الجديدة – مثل ما ذكرنا - التي نص المشرع في نفس المادة
في البند الثالث منها على عدم قبولها ،
وأجاز تغيير سبب الطلب أو الإضافة إليه – وهذا ليس موضوع بحثنا – .([9])
والأصل في عملية التقاضي أمام محكمة الاستئناف هو انتقال
ملف الدعوى بكامله بما احتواه من بيانات وأدلة أمام محكمة الدرجة الأولى الى
المحكمة الاستئنافية ، وقد مكن المشرع الخصوم من إضافة أي دليل منتج ويضاف الى ما
قد قدموه أمام محكمة أول درجة .([10])
إذن فإنه يمكن للأدلة التي تكون معروضة على قاضي
الاستئناف أن تكون أدلة كانت معروضة على قاضي محكمة أول درجة ، وانتقلت – وفقا
للأثر الناقل للاستئناف – الى محكمة ثاني درجة ، أو أن تكون تلك الأدلة أدلة جديدة
لم تكن معروضة في المحكمة الابتدائية ، أو فات الطرفين إبداءها ، ولكن قام الخصم
بتقديمها للمحكمة دعما لدعواه ، وتأييدا لدفوعه ، وإثباتا لأوجه دفاعه .
ومن التطبيقات القضائية على جواز تقديم أدلة جديدة أمام
محكمة الاستئناف لم تكن مقدمة أصلا أمام المحكمة الابتدائية ، ما ذهبت إليه
المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 125 لسنة 12 القضائية ، بتاريخ 29/1/1991 ([11]) ،
حيث قالت بأن " مقتضى الأثر الناقل للاستئناف التزام محكمة الاستئناف بمواجهة
عناصر النزاع الواقعية والقانونية وما استجد منها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة
ذلك أن وظيفتها لا تقتصر على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق فحسب بل
تمتد الى بحث كافة جوانب النزاع وما تعلق منها بالوقائع أو بالتطبيق القانوني في
حدود طلبات المستأنف وهي غير ملزمة متى ألغت الحكم الابتدائي بالرد على ما ورد
بذلك الحكم وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب تكفي لحمله . لما كان ذلك ، وكان ما
قرره وكيل المطعون ضدها أمام محكمة أول درجة بالاكتفاء بالأدلة الكتابية المقدمة لا
يفيد حرمانها من التمسك أمام محكمة الاستئناف بإثبات دعواها بوسائل إثبات أخرى
يجيزها القانون بعد رفض دعواها أمام محكمة أول درجة ولا يعتبر ما قرره وكيلها
تنازلا مطلقا عن الحق في الإثبات ... ".([12])
كما أجازت محكمة النقض المصرية استخلاص أدلة وقرائن من
المستندات المقدمة في المحكمة الابتدائية ، وتقديم هذه الأدلة والقرائن المستخلصة
الى محكمة الاستئناف لأول مرة ، وهذا ما قررته في الطعن ( نقض 24/11/1981 طعن 351
س 48 ق مصري ) حيث ذكرت المحكمة أنه " يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع
النزاع في حدود طلبات المستأنف الى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما
اشتمل عليه من أدلة وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع
الواقعية والقانونية على السواء . وعلى ذلك فإن فحص الحكم المطعون فيه لمستندات
الطاعن المقدمة أمام محكمة الدرجة الأولى واستخلاصه منها أدلة وقرائن – وإن لم تعرض
لها الحكم الابتدائي – مؤيد للنتيجة التي انتهى إليها وبأسباب سائغة يكون إعمالا
منها لوظيفة محكمة الاستئناف ".([13])
وكذلك الادعاء بالتزوير يمكن إبداؤه أمام محكمة
الاستئناف لأول مرة وفقا للطعن ( نقض 6/11/1947 طعن 100 س 16 ق مصري ) حيث قالت
المحكمة بأن " الادعاء بتزوير الأوراق المقدمة في الدعوى يجوز إبداؤه أثناء قيامها
أمام محكمة الاستئناف إذ أن المادة 273 من قانون المرافعات تجيز الطعن بالتزوير
بطلب عارض في أية حالة تكون عليها الدعوى الأصلية ، وقيام الخصومة أمام محكمة
الاستئناف إن هو إلا من الحالات التي تكون عليها الدعوى . وليس في ذلك تفويت لدرجة
من درجات التقاضي على أحد من أصحاب الشأن ، إذ مسألة التزوير ليس في حقيقتها إلا
دفاعا موضوعيا منصبا على مستندات الدعوى وليست من قبيل الطلبات الجديدة التي يمتنع
، بحكم المادة 368 من قانون المرافعات ، تقديمها لأول مرة في الاستئناف " .([14])
رابعا : شروط قبول محكمة الاستئناف للأدلة الجديدة
وحتى تقبل محكمة الاستئناف الأدلة وأوجه الدفاع الجديدة
، لا بد من توافر شرطين ، هما :([15])
1 ) ألا يكون الحق في إبداء هذه الأدلة والدفاع قد سقط أمام محكمة أول درجة ،
فليس لمن ناقش موضوع المحرر كدليل مقدم أمام محكمة أول درجة ، أن ينكر ما نسب إليه
من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة ، أو أن يتمسك بعدم علمه بأن شيئا من ذلك قد صدر
ممن تلقى عنه الحق .([16])
2 ) ألا ينطوي الدفاع الجديد على طلب جديد لا يجوز تقديمه أمام محكمة
الاستئناف ، فإذا كان الدفاع الجديد لم يسقط الحق فيه لأنه دفاع موضوعي أو شكلي
يتعلق بالنظام العام ، جاز تقديمه لمحكمة الاستئناف بشرط عدم إنطوائه على طلب جديد
، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن الإدعاء بتزوير الأوراق المقدمة في
الدعوى يجوز إبداؤها أمام محكمة الاستئناف ، لأن مسألة التزوير ليست إلا دفاعا
موضوعيا منصبا على مستندات الدعوى ، وليس من قبيل الطلبات الجديدة ([17])،
وأيضا قضت بأن الدفع بأن الشفيع لم يكن مالكا للعقار المشفوع به وقت صدور البيع
المشفوع فيه ، من الأدلة الجديدة التي يجوز للخصم الإدلاء بها في محكمة الاستئناف
.([18])
خامسا : انتقال كافة الأدلة حتى لو أغفلت محكمة أول درجة
بعضها
يمكن للمحكوم له ( المستأنف ضده ) أن يتمسك بكافة الأدلة
والدفوع وأوجه الدفاع التي تمسك بها أمام محكمة أول درجة ، سواء فصلت فيها لغير
مصلحته ، أو أغفلت المحكمة الفصل فيها ، دون الحاجة الى رفع استئناف مقابل أو فرعي
، إذ لا محل لرفع هذا الاستئناف طالما حكم لصالحه بكل طلباته ، ما لم يثبت تنازله
عن التمسك بأحدها ، ومثال ذلك ، قيام المؤجر برفع دعوى على المستأجر لإخلاء العين
المؤجرة ، لأنه قام بتأجيره من الباطن دون موافقته ، وتأخره في سداد الأجرة ،
وصدور قرار إزالة العين ، فيكون المدعي قد استمد حقه من كل هذه الأسباب ، فإذا قضت
المحكمة بالإخلاء على أساس ثبوت واقعة التأجير من الباطن دون إذن المالك ، وأفصح
عن عدم جدوى التعرض لباقي الأسباب بعد أن أجيب المدعي لطلبه ، ثم قام المستأجر
بالاستئناف ، فإن الدعوى تنتقل الى محكمة الاستئناف بكل ما سبق أن أبداه المؤجر من
أسباب ، وتعتبر مطروحة أمام محكمة الاستئناف .([19])
ولكن بالرغم من أن الأدلة التي كانت مقدمة لمحكمة أول
درجة تنتقل – بقوة القانون – الى المحكمة الاستئنافية ، إلا أن بعض تلك الأدلة
تستهلك أمام المحكمة الابتدائية ، ولا تعود للحياة مرة أخرى أمام محكمة الاستئناف
، مثال ذلك لا يجوز توجيه يمين الى خصم سبق توجيه اليمين إليه أمام محكمة أول درجة
.([20])
سادسا : سلطة محكمة الاستئناف أن تلزم الخصم بتقديم دليل
لمحكمة الاستئناف السلطة في أن تلزم أو تأمر أحد الخصوم
بتقديم ما تراه من أدلة الاثبات ووسائله ، ولها ذات سلطات المحكمة الابتدائية ،
ولها أيضا أن تعيد نظر الدعوى مرة ثانية في حدود ما فصل فيه أو في حدود ما رفع عنه
الطعن ، ولها ألا تتقيد بالقضاء الصادر من محكمة أول درجة ، فلها أن تلغيه أو أن
تعدله كليا أو جزئيا ، وأيضا لها أن تؤيد بعضه وتلغي بعضه وتعدل بعضه الآخر ، لأن
سلطتها تشمل الواقع والقانون .([21])
المطلب الثاني : مدى إمكانية تقديم الدليل الجديد أمام
محكمة النقض
أولا : تقديم أدلة جديدة أمام محكمة النقض
نص المشرع الإماراتي على أن لمحكمة النقض أن تأذن للخصوم
بتقديم بيانات جديدة لتأييد دفوعهم ، وكذلك لها أن تتخذ كل إجراء يعينها على الفصل
في الطعن .([22])
ولكن إن وُجّه الدفاع لمسألة موضوعية ، فلا يمكن لمحكمة
النقض التطرق اليها ، حيث أن مسائل الموضوع من إختصاص قاضي الموضوع ، ومحكمة النقض
محكمة قانون ، ومن المسائل الموضوعية مسألة تقدير الأدلة مثلا ، والتي يستقل قاضي
الموضوع بها ، ولا تتطرق إلى تقديرها محكمة النقض ([23])،
وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية في الطعن ( نقض 3/3/1976 طعن 1 س 43 ق
أحوال شخصية ) بقولها " لئن كانت المادة 20 من قانون الاثبات رقم 25 لسنة
1968 تجيز للخصم أن يطلب الزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده
إذا توافرت إحدى الأحوال الواردة فيها ، وأوجبت المادة 21 منه أن يبين في الطلب
الدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم ، إلا أن الفصل في هذا الطلب باعتباره
متعلقا بأوجه الاثبات متروك لقاضي الموضوع ، فله أن يرفضه إذا تبين له عدم جديته ،
وله أن يكون عقيدته من الأدلة التي يطمئن إليها ، كما أن تقدير الدلائل والمبررات
التي تجيز للخصم أن يطلب الزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده
هو نظر موضوعي يتعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة
النقض عليه فيه " .([24])
وقالت أنه لا يجوز أيضا التمسك أمام محكمة النقض بالعرف
الساري ، حيث أنه دفاع موضوعي ، ففي الطعن ( نقض 16/6/1988 طعن 523 س 52 ق مصري ) ذهبت
المحكمة إلى القول " إذ كان ما تثيره الطاعنة من أن العرف الساري في مجال
التأمين لا يستلزم توقيع المؤمن له على ملحق الوثيقة للاحتجاج به عليه ، هو دفاع
موضوعي يقوم على واقع لم يسبق لها التمسك به أمام محكمة الموضوع ، فإنه لا يجوز إثارته
لأول مرة أمام محكمة النقض " ، وأيضا تمسك الخصم بمبرر تأخر المستأجر عن سداد
الأجرة أمام محكمة النقض ، يعتبر دفاع موضوعي ، فذهب بالقول في ( نقض 16/1/1983
طعن 881 س 51 ق ) الى أن " المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير المبرر
وقبوله في تأخر المستأجر في سداد الأجرة أو امتناعه عن سدادها من مسائل الواقع
التي تستقل بها محكمة الموضوع ، ولما كانت أوراق الطعن قد خلت مما يدل على أن الطاعن
قد تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود المبرر المذكور لتأخره في سداد الأجرة ، فإنه لا
يجوز له إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض " .([25])
وأيضا ( نقض 14/6/1951 طعن 168 س 19 ق ) " القول
بأن مخالفة الإمضاء المطعون فيه لقاعدة كتابة الطاعن ليس معناه التزوير إذ قد يكون
مرجعه سبب آخر . هذا القول هو جدل موضوعي لا سبيل لمناقشته أمام محكمة النقض
" .([26])
وكذلك في الطعن ( نقض 30/4/1986 طعن 1996 س 55 ق مصري )
" الجدل الموضوعي في تقدير محكمة الموضوع للأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض
" .([27])
يتضح مما ذكرناه آنفا من تطبيقات قضائية ، كلها تدل على
أن محكمة النقض لا تتدخل في تقدير الأدلة ولا مناقشتها ، وتعتبر أن ذلك من مسائل
الموضوع التي يختص بها قاضي الموضوع ، وليس لمحكمة النقض الرقابة عليها .
ثانيا : التمسك بالأدلة المستبعدة
يمكن للخصم الذي قدم دفاعا أو دليلا استبعدته المحكمة
الابتدائية أو الاستئنافية ، أن يتمسك به ويطعن على قضائها أمام محكمة النقض ،
وهذا ما نستخلصه من ( نقض 21/11/1957 طعن 355 س 23 ق
، مصري ) حيث ذهبت المحكمة إلى القول بأن " المقرر أن
الاستئناف ينقل الدعوى الى محكمة الاستئناف وفقا لما تقضي به المادة 232 من قانون
المرافعات بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط ، وأن المذكرة التي استبعدتها محكمة
الدرجة الأولى ، تعتبر بعد صدور الحكم من مستندات الدعوى التي تلتزم محكمة
الاستئناف بالتصدي لما تضمنته في نطاق المادة سالفة البيان دون حاجة الى التمسك
بها صراحة أمامها أو بصحيفة استئناف ، فإن كانت قد تضمنت دفاعا أغفلته محكمة
الاستئناف ، كان ذلك رفضا له ويجوز الطعن في قضائها بالنقض " ([28]).
ثالثا : الطعن بالتزوير أمام محكمة النقض
حصر المشرع أوجه الطعن بالنقض جميعها وفقا لقانون
المعاملات المدنية ، وهي تنحصر في مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، فمحكمة النقض
لا تختص بالتصدي للأوجه الموضوعية إلا في حالة مساسها بمخالفة القانون ، كما لو
كان استخلاص الحكم لها غير سائغ ، أو كان النعي الموجه له غير منتج . ويخرج عن
نطاق الطعن بالنقض ، الطعن بالتزوير الموجه لمستندات الدعوى ، إذ كان يتعين اتخاذه
أمام محكمة الموضوع لتعلقه بالموضوع ، مما يتطلب خبيرا وسماع شهود ، ولكن إذا تعلق
التزوير بذات ورقة الحكم الصادر من محكمة الموضوع ، فلا يمكن طرحه عليها مرة أخرى
لاستنفاذ ولايتها ، ولا يمكن عمل شيء حيال ذلك سوى الإدعاء بالتزوير بصحيفة الطعن
بالنقض ، ومن أجل قبول هذا الطعن لا بد من أن يكون منتجا ، أي أن يتوقف على الفصل
فيه الفصل في أحد أسباب الطعن . ([29])
وقضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا بني الطعن على وقوع
بطلان جوهري في الحكم المطعون فيه وادعى بتزوير ورقته بعد النطق به وتعلق الفصل في
صحة سبب الطعن على ثبوت هذا التزوير من عدمه فإن الادعاء بالتزوير أمام محكمة
النقض في هذه الحالة يكون جائزا .([30])
الخاتمة
يتضح لنا من خلال البحث في إمكانية تقديم أدلة جديدة
أمام محكمة الاستئناف ومحكمة النقض ، بأن القضاء فرق بين عدة مسائل ، فمحكمة
الاستئناف محكمة موضوع حالها حال المحكمة الابتدائية ، وعليه فإن تقديم الأدلة
وأوجه الدفاع والبيانات الجديدة التي لم تكن قد قدمت أمام المحكمة الابتدائية جائز
، وهذا وفقا لنص القانون أيضا الذي أجاز ذلك ، أما محكمة النقض فهي محكمة قانون ،
ولا يجوز للخصوم تقديم أدلة جديدة أمامها ، حيث أن الأدلة والإثباتات تعتبر من
مسائل الواقع والموضوع التي يختص بها قاضي الموضوع ، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها
، وبالتالي لا يجوز تقديم تلك الأدلة لأول مرة أمام محكمة النقض .
المراجع والمصادر :
·
أحمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات
المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى ، سنة 2011
·
أنور طلبه ، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية ، دار
الكتب القانونية ، المحلة الكبرى ، مصر ، سنة 2003 ، الجزء الرابع
·
أنور طلبه ، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية ، دار
الكتب القانونية ، المحلة الكبرى ، مصر ، سنة 2003 ، الجزء الخامس
·
بكر عبد الفتاح السرحان ، قانون الاجراءات المدنية الإماراتي
، مكتبة الجامعة ، دولة الامارات ، الطبعة الأولى ، سنة 2013
·
عبده جميل غصوب ، الوجيز في قانون الاجراءات المدنية ،
مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الأولى ،
سنة 2010
·
مصطفى صخري ، موسوعة المرافعات ، المكتب الجامعي الحديث
، الاسكندرية ، الطبعة الثالثة ، سنة 2005
·
نبيل اسماعيل عمر و أحمد خليل ، قانون المرافعات المدنية
والتجارية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، سنة 1997
" الحمد لله رب العالمين "
[1] عبده جميل غصوب ، الوجيز في
قانون الاجراءات المدنية ، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت
، لبنان ، الطبعة الأولى ، سنة 2010 ، ص 429 . أنظر أيضا / نبيل اسماعيل عمر و
أحمد خليل ، قانون المرافعات المدنية والتجارية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ،
الاسكندرية ، سنة 1997 ، ص 648 . أيضا / مصطفى صخري ، موسوعة المرافعات ، المكتب
الجامعي الحديث ، الاسكندرية ، الطبعة الثالثة ، سنة 2005 ، ص 416
[2] نقلا عن / أنور طلبه ، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية ، دار
الكتب القانونية ، المحلة الكبرى ، مصر ، سنة 2003 ، ج 4 ، ص 662
[4] نصت المادة 165/3 على أنه "... لا تقبل الطلبات
الجديدة في الاستئناف وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها ، ومع ذلك يجوز أن
يضاف الى الطلب الأصلي الأجور والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم
الطلبات الختامية أمام المحكمة الابتدائية وما يزيد من التعويضات بعد تقديم هذه
الطلبات وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه
. ... " .
[8] مصطفى صخري ، موسوعة المرافعات ، المرجع السابق ، ص 958 . حيث
أجاز المشرع المصري تقديم أدلة جديدة في المادة 233 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية ، وأيضا المشرع اللبناني في المادة 661 من قانون أصول المحاكمات المدنية
، حيث نص على أن " للخصوم أن يتذرعوا بالاستئناف تأييدا للمطالب المقدمة منهم
أمام محكمة الدرجة الأولى بأسباب ودفوع أوجه دفاع جديدة وأن يقدموا مستندات وأدلة
جديدة " .
[9] نصت المادة 165/2 على أنه
"... تنظر المحكمة الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع
جديدة وما كان قد قدم من ذلك للمحكمة الابتدائية " .
[10] بكر عبد الفتاح السرحان ، قانون الاجراءات المدنية الاماراتي ،
مكتبة الجامعة ، دولة الامارات ، الطبعة الأولى ، سنة 2013 ، ص 404
[11] نقلا عن / بكر عبد الفتاح السرحان ، قانون
الاجراءات المدنية الاماراتي ، المرجع السابق ، حاشية ص 404
[12] ذهبت محكمة التعقيب في تونس ( ق ت عدد 19337 صادر بتاريخ 1 فيفري
1998 ) في قرار برأي مخالف حيث ورد بقرار تعقيبي أن مراد المشرع من نص الفصلين 147
و 148 المتعلق بالنظام العام هو عدم طرح وسائل اثبات نحوها وجديدة ، وهذا القرار
خالف قرارا آخر من نفس المحكمة ( ق ت عدد 14502 مؤرخ في 23/6/1987 ) التي أجازت
تقديم أدلة جديدة . نقلا عن / مصطفى صخري ، موسوعة المرافعات ، المرجع السابق ، ص
959
[15] أحمد السيد صاوي ، الوسيط
في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى ، سنة 2011 ، ص 1109
[16] وفقا لنص المادة 11/2 من قانون اتحادي رقم 10
لسنة 1992 بإصدار قانون الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية ، تقابلها المادة
14/3 من قانون الاثبات المصري .
[17] نقض مدني 6 نوفمبر 1947 طعن رقم 100 السنة 16 ق . مصري . نقلا عن
/ أحمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات
المدنية والتجارية ، المرجع السابق ، ص 1109
[18] نقض مدني 14 ديسمبر 1950 طعن رقم 73 السنة 19 . مصري . أنظر أيضا
/ نقض مدني ديسمبر 1972 مجموعة النقض 23 ص 1398 ق 218 . نقلا عن / أحمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات
المدنية والتجارية ، المرجع السابق ، ص 1110
[19] الهيئة العامة للمواد
المدنية والتجارية 22 ديسمبر 1986 طعن رقم 1806 لسنة 51 ق. نقلا عن / أحمد السيد
صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، المرجع السابق ، ص 1106
- 1108
[22] وفقا للمادة 180 من قانون الاجراءات المدنية ، وهذه المادة تقابل المادة 12 من
قانون اتحادي رقم 17 لسنة 1978 بتنظيم حالات وإجراءات الطعن بالنقض أمام المحكمة
الاتحادية العليا .
[23] التمييز بين
مسائل الواقع والقانون ليس موضوع بحثنا هذا ، للإستزادة أنظر موضوع ( صعوبة
التمييز بين مسائل الواقع والقانون ) في / أحمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون
المرافعات المدنية والتجارية ، المرجع السابق ، ص 1170 وما بعدها .
[30] نقض 29/4/1982 طعن 926 س 46
ق ، مصري . نقلا عن / أنور طلبه ، موسوعة المرافعات ، ج 5 ، المرجع السابق ، ص 645
انا محتاج اي شخص يساعدني الله يجزيكم الخير بعد ما اخد حكم في امر اداء تم الغاءه وقبول الاستئناف وعملت التماس واعاده نظر واترفض بعد جلسه في اداره الدعوى وجلسه في المحكمه المختصه مع العلم اني حصلت على مستندات جديده ولم تذكر في حيثيات الحكم
ردحذفPlay Free Slots Online | No Download & Registration
ردحذفFree Slots Online titanium bicycle · how to get titanium white octane Jackpot City titanium white octane blueprint · Party Casino · Wild Casino · Bovada Casino. head titanium ti s6 Game w88 Description. If you like video slots, you'll love this game. · Free · Casino · Slotomania